إن بقايا وآثار مساكن الكافرين متواترة ومشهورة عند الناس، لا يغفل عنها إلا أصحاب القلوب المعرضة، فالذين يذهبون في رحلة، وفي نزهة، ويصورون تلك الجبال، وبعضهم يضخمها صورة كبيرة، ويعلقها في البيت، سُبْحانَ اللَّه العظيم!
هذا عذاب أمة عظيمة، أهلكها الله بالمعاصي أتعلق صورها للزينة!! والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نهى أن نمر بها إلا مستعبرين، أي: باكين.
ونهى عن الإقامة فيها كما هو ثابت في قصة غزوة تبوك، ولكن القلوب الغافلة أبت إلا أن تتخذها منتزهات وملاهي، ولذلك نبه المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة الشعراء بعد أن يذكر كل أمة من الأمم، وماذا جرى لها يقول :((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ))[الشعراء:8-9].
ويقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في آخر سورة يوسف لما قص قصة يوسف: ((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ))[يوسف:111] وأولوا الألباب هم فقط الذين يعتبرون عندما يرون أمثال هذه الأحداث.

فترك الله عَزَّ وَجَلَّ شواهد حسية مرئية، وشواهد منقولة بالتواتر تاريخياً، مكتوبة أو محفوظة تدل عَلَى أن له أنبياء، وأن هَؤُلاءِ الأَنْبِيَاء قد بعثوا إِلَى أقوامهم فمن آمن منهم نجى، ومن كفر من أقوامهم فإنه يهلك بأنواع من الهلاك ما تزال بعضها شاهدة شاخصة يراها أولوا الألباب، ويقر بها أولوا الأبصار.
فهذه أيضاً من الدلائل التي يغفل المتكلمون والفلاسفة وأمثالهم عن الاستشهاد بها عَلَى صدق النبوة.